الحلقة الثانية



الحلقة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على محمد وآله بيته الطاهرين
بداية سأعيد تعريف المنطق التربوي بشكل سريع، المنطق التربوي هو الأسس الفكرية الفطرية الدافعة للفعل أو رد الفعل. وتوضيح التعريف أنه في كل إنسان دوافع فطرية موجودة في داخله، في كل إنسان وفي كل زمان ومكان، بمعنى أنه لا يؤثر المستوى الثقافي في وجود هذه الدوافع، فهي دوافع فطرية توجد مع كل إنسان، وبالتالي طريقة تنظيم هذه الدوافع تسمى المنطق التربوي.
نعطي الأن مثلا مفردتين، والمفردات هي عبارة عن عناوين، المفردة الأولى هي مسألة أن الحكمة تنقسم إلى قسمين، إلى وعي وسداد، طبعا هذين المصطلحين ليسا مخترعين، إنما يمكن إستنباطهم من الآيات والنصوص الواردة، وسوف نعرف هذين المصطلحين ليتبين ما المقصود بهما بالظبط، وهنا أكرر وأقول أن المنطق التربوي هو عبارة عن أسس فطرية وليست مكتسبة، أي موجودة لدى الإنسان المتعلم والامي.
والحكمة كما في قوله سبحانه وتعالى: "ومن يؤتى الحمكة فقد أوتي خيرا كثيرا"، فإذا الحكمة فيها خير، فما هو هذا الخير.
الحكمة تنقسم إلى قسمين: الوعي والسداد، فما الفرق بينهما وما هو تعريف الحكمة؟. معنى الحكمة لغويا هو من حكم الشيئ أي أصابه بدقة، وأصل الإشتقاق واحد، أي حينما تقول إحكام الشيء أي ليس له منافذ معاكسة. فالحكمة إذا هي عبارة عن الرأي الذي هو أقرب إلى الصواب، فإذا من لديه حكمة وبالتالي رأيه أقرب إلى الصواب، فهذا لديه الكثير من الخير.
وبما أن الحكمة قسمين: الوعيوالسداد، فالمقصود بالوعي هو ما يتعلق بنمط الحياة ونمط التفكير، وهو موجود بشكل فطري ولكن متفاوت بين الناس، وبالمنازل العالية فيه يطلب، بمعنى أن الإنسان يطلب النصيحة فيه، على سبيل المثال، كيف يتصرف الإنسان مع الآخرين بشكل عام، كيف يتصرف عند الغضب، كيف يمثل الطموح، كيف يكون له حضور، كيف يصبح منتجا، كيف ينظر إلى الناس، كيف ينظر إلى الحياة، كيف ينظر إلى العائلة، دوره في المجتمع، هذا ما يسمى بالوعي، والذي هو أحد أقسام الحكمة، فيقال فلان واع، أي فلان يعرف ماذا يفعل وكيف يفكر، فقط بالنسبة لطريقة الحياة والتفكير، أما السداد فهو مختلف وهو موجود لدى كثير من الناس، والسداد هو عبارة عن إحكام الشيء بدائرة معينة، مثلا فلان تاجر سديد في تجارته أي يعرف كيف يتصرف في موضوع تجارته، ولكنه قد يكون في غير تجارته عديم البصيرة وغير واع، زلكنه في باب التجارة سديد، فأمير المؤمنين(ع) يقول: "أعينوني بوعي وإجتهاد وعفة وسداد"، والسداد المقصود به هو أصوب الرأي ولكن في قضية معينة، فاختيار المستقبل هو من الوعي وليس من السداد، أما تنفيذ العمل فهو من السداد، حتى السارق بالرغم من قباحة عمله، فهو إذا كان يجيد السرقة يقال عنه سديد في عمله وسرقته، اولمزارع مثلا يكون سديدا  بالتصرف في الرزاعة، طبعا العلم والخبرة يلعبان دورا في موضوع السداد. فإذاً أصبح لدينا المقسم الكبير هو الحكمة والتي تنقسم إلى قسمين: الوعي والسداد، ولذلك قد نجد أناسا لديها وعي ولكن لا تملك السداد، أو بالعكس لديها سداد لكن لا تمتلك الوعي، فالموردان يختلفان، والمنطق التربوي يتناول القسم الأول والذي هو الوعي، والذي هو الاهم، فمعظم الناس تجيد في شيء ما، أي تمتلك السداد في مجال معين، كالميكانيكي في صنعته، وكذلك المزارع الذي يجيد الزراعة، وغيرهم من أصحاب المهن حيث السداد مطلوب في مهنهم، أما الوعي فهو أمر مختلف، فهو معرفة ماذا نفعل وكيف نفكر، فأغلب الناس لديها السداد في مضمار معين، ولكن ليس أغلب الناس لديها الوعي، فليس كل الناس تعي كيف تتصرف وأن تكون ذات أخلاق على سبيل المثال، أو كبيفية التصرف في حالات الغضب، أو كيف يتصرف الإنسان حتى يصبح قويا ويملك أمره ومستقبله، فهذها كله يسمى وعي، فهنا يتبين لنا الفرق بين الوعي والسداد، ففي حين أن الأخير تختلف طرقه بين الشر، فالأول هو عبارة عن حكمة واحدة، فنفس قاعدة الوعي تستطيع أن تنصح بها إنسان في أقصى الشرق أو في أقصى الغرب، وأمثلتها كثيرة، ونحن بالحقيقة نحتاج إلى مجتمع واع قبل أن يكون سديد.
مثلا على سبيل المثال عندما يطلب إتقان العمل بشكل عام، هذا يسمى وعي، عندما يطلب مثلا الصدق والأمانة والإنصاف وكل المثل الأخلاقية، هذا يسمى وعي، عندما يطلب مثلا التدين بدين، هذا أيضا وعي، فإذا الضابطة بين الوعي والسداد أن الوعي عنوانه عام وليس له مورد خاص ويتاول كل البشر، بينما السداد يتناول موردا معين، أو محور تنفيذي معين في الفكر أو العمل، فنحن في المجتمع بحاجة إلى عنوان الوعي وتطبيقات الوعي وهي التي تندرج في فصول المنطق التربوي.
والحمد لله رب العالمين.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المواضيع

Blog Archive

مركز الحجة القائم للدراسات الاسلامية والاستتراتيجية 2016

يتم التشغيل بواسطة Blogger.