تعريف علم العرفان واقسامه






تعريف علم العرفان
العرفان في اللغة مشتقّ من "عَرَفَ"، ويُعْنى به المعرفة. يقول ابن منظور: "عرف: العرفان: العلم... عَرَفَه، يَعْرِفُهُ، عِرْفَة وعِرْفاناً وعِرِفَّاناً وَمَعْرِفَةً واعترفه... ورجل عروفٌ: وعَروفة: عارف يعرف الأمور، ولا ينكر أحداً رآه مرة... والعريف والعارف بمعنى مثل عليم وعالم... والجمع عرفاء...
العرفان في الاصطلاح عبارة عن المعرفة الحاصلة عن طريق المشاهدة القلبية، لا بواسطة العقل ولا التجربة الحسّية... وهذا اللون من المعرفة يحصل في ظلّ العمل المخلص بأحكام الدين، وهو الثمرة الرفيعة والنهائية للدين الحقيقي2.
وعلى هذا الأساس قدَّم أصحاب الاختصاص تعاريف متعدّدة للعرفان، من أبرزها ما جاء على لسان القيصري: "هو العلم بالله سبحانه، من حيث أسماؤه وصفاته ومظاهره وأحوال المبدأ والمعاد والعلم بحقائق العالم وبكيفيّة رجوعها إلى حقيقة واحدة، هي الذات الأحدية ومعرفة طريق السلوك والمجاهدة, لتخليص النفس عن مضايق القيود الجزئية واتّصالها إلى مبدئها واتّصافها بنعت الإطلاق والكلّية"3.


أقسام العرفان
يظهر من التعريف المتقدّم أن العرفان يقسم قسمين: العرفان النظري، والعرفان العملي.
أمّا العرفان النظري، فهو العلم بالله تعالى وأسمائه وصفاته وتجلّياته. ويُراد منه إعطاء رؤية كونية عن المحاور الأساسية في عالم الوجود، وهي "الله" و"الإنسان" و"العالم".
والعرفان العملي عبارة عن العلم بطريق السير والسلوك، فمن أين يبدأ، وإلى أين ينتهي، وما هي المنازل والمقامات التي يجب أن يسلكها العارف للوصول إلى
الله تعالى، وكيفيّة مجاهدة النفس للتغلّب على ميولها وتحريرها من علائقها، حتى تستطيع طيّ المراحل والجدّ في سيرها إلى الله تعالى
أمّا القسم الأول من العرفان، فهو يشبه علم الفلسفة لجهة محاولته تقديم تفسير للوجود، يُراد منه تقديم رؤية كونية عرفانية يكون لله فيها الأصالة الأساسية والوحيدة، وكلّ ما سوى الله ما هو إلا مظهر وتجلٍ لتلك الحقيقة الواحدة.
وإذا كان الفيلسوف يحاول تقديم رؤية ترتكز على محورية الله كواجب للوجود، وتكوين صورة جامعة عن الله وعلاقته بالكون، فقد استخدم الفيلسوف لذلك الدليل والبرهان, أمّا العارف في محاولته تقديم رؤيته الكونية هذه، فهو غير مهتمّ بالعقل والفهم، بل العارف يقدّم رؤيته ليصل إلى كنه وحقيقة الوجود
أمّا القسم الثاني من العرفان, أي العرفان العملي، فهو عبارة عن ذاك الجانب الذي يبيّن العلاقات والواجبات المفروضة على الإنسان مع نفسه ومع العالم ومع الله. فيوضح فيه للسالك، من أين يجب أن يبدأ، وإلى أين يجب أن ينتهي، وكيف يسلك ليصل إلى تلك الحقيقة الواحدة، ويتطلّب الأمر توضيح المقامات والمنازل التي يجب قطعها للوصول


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المواضيع

مركز الحجة القائم للدراسات الاسلامية والاستتراتيجية 2016

يتم التشغيل بواسطة Blogger.