هدف العرفان الإسلامي ,والمنهج في العرفان




هدف العرفان الإسلامي
إنّ الإطلالة على هدف العرفان الإسلامي، يساعد - وإلى حدّ بعيد - في فهم حقيقته. فما هو الهدف من علم العرفان؟
إنّ الهدف الأساس لعلم العرفان الإسلامي، الوصول إلى الله تعالى والفناء فيه, أي الوصول إلى حيث لا يرى الإنسان إلا الله تعالى، ولا يبصر إلا وجهه جلّ وعلا. يعتقد العرفاء أنّ من يصل الى هذا المقام، أي لا يرى إلا الله تعالى، فقد وصل إلى مقام كان فيه غافلاً عن كلّ ما سوى الله, باعتبار أن الحق تعالى هو حقيقة الحقائق التي ليس وراءها حقيقة.
يبيّن العرفاء أنّ من يصل إلى أعلى المقامات الوجودية، فهو شخص يرى الله تعالى في كلّ شيء، وفي كلّ حركة من حركاته، أو حركات الأشياء الأخرى المحيطة به. ولكنّ السؤال: هل يبتعد هذا الشخص عن رؤية الأشياء؟ وهل ينظر إليها على أنّها معدومات؟ هنا يؤكّد الأستاذ الشهيد مطهري أنّ العارف في هذا المقام لا يغفل عن الخلق، بل يشاهد الخلق وحركاتهم إلا أنّه ينظر إلى الجميع على أنّها تحكي عن الإله وعن عظمة الخالق.
ومن هنا يمكن القول: إنّ العرفان الإسلامي بقسميه يهدف إلى الوصول بالإنسان إلى أرقى مراتب الكمال الإنساني، والطريق إلى ذلك لا يحصل إلا بالمجاهدة والرياضة.

المنهج في العرفان 
المنهج هو الطريق الذي يوصل إلى الهدف. وإذا كان لكلّ علم منهج، يمكن من خلاله إثبات أو نفي المدّعيات والفرضيات، فعلم العرفان أيضاً واحد من العلوم التي تمتلك منهجاً خاصاً. ولكن ما هو المنهج في علم العرفان؟
الواضح من خلال كلمات العرفاء أنّ المنهج والطريق الوحيد الموصل إلى الحقائق هو الكشف والشهود. والمقصود من الكشف والشهود مشاهدة الحقائق الغيبيّة الواقعة وراء عالم الشهادة. وأمّا السبيل إلى ذلك، فقد أشار العرفاء إلى أمور، من أبرزها تربية النفس وتهذيبها، والمواظبة على العبادات وكلّ ما يؤدّي إلى القرب من الله تعالى، وخلوص النفس له.
أطلق العرفاء على العلم الحاصل من الكشف والشهود، العلم الإلهي، وبيّنوا أنّ الطريق لذلك يجب أن يحصل في إطار التفرّغ للعبادة. يقول العارف السيّد حيدر الآملي: "وأمّا كيفيّة تحصيل العلوم الحقيقية فهو في غاية السهولة, لأنّها موقوفة على فراغ القلب وصفاء الباطن، وهذا يمكن بساعة واحدة وبيوم واحد وبليلة واحدة...
تحدّث العرفاء حول أهمّية هذا المنهج. طبعاً، لم يجعل العرفاء هذا المنهج مخالفاً، لمنهج العقل، بل قد يُفهم من كلام بعضٍ منهم أنّ منهج الكشف والشهود أرفع وأعلى، وهو الذي يساهم في كمال المعرفة الحاصلة بواسطة العقل. وبعبارة أخرى: المنهج العقلي مقبول، إلّا أنّه ليس كافياً في الوصول إلى المعرفة الصحيحة.
ولعلّ كلام ابن سينا واضح في تبيين طبيعة العلاقة بين العقل والكشف، إذ يظهر
منه انصراف الفكر بالكامل إلى الحقّ، وهو الذي يساهم في الوصول إلى المعارف الحقيقية الصادقة.
ومن المحال أن يعرف ماهيته بطريق النظر، فما لك يا أخي، تبقى في هذه الورطة، ولا تدخل طريق الرياضيات والمجاهدات والخلوات التي شرّعها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم!".
ولكن، لماذا فَضَّل العرفاء منهج الشهود على المنهج العقلي، والجواب يكمن فيما يأتي11:
1- إنّ المعارف التي يحصل عليها الإنسان بواسطة العلوم هي نتيجة الاستدلالات والتجارب التي عاشها البشر طوال التاريخ، ولطالما اكتشف البشر خطأ معارفهم, فقاموا بإصلاحها أو تعديلها أو إلغائها... لذلك يعتبر العرفاء أنّ ما يحصل من معارف بواسطة المناهج الموجودة، هي أمور لا تسكن النفس إليها ولا تستريح, لأنّ احتمال الخطأ فيها يبقى وارداً، وهذا ما لا وجود له في المعارف الحاصلة عن طريق الكشف والشهود، طبعاً إذا كانت هذه المعارف تتطابق مع المعايير والضوابط التي وضعوها للصحّة والخطأ في الكشف.
2- الأمر الثاني الذي يدعو إلى تفضيل المنهج الشهودي، أنّ مناهج العلوم على اختلافها تؤدّي إلى إدراك العالم وخالقه عن طريق المفاهيم التي تحصل عليها بالأسلوب الحصولي، الذي يعني حصول صورة المعلوم عند العالم، وأمّا المنهج الشهودي فيجري مشاهدة الأمور والحقائق عياناً دون توسّط صور.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المواضيع

مركز الحجة القائم للدراسات الاسلامية والاستتراتيجية 2016

يتم التشغيل بواسطة Blogger.