الحرب الناعمة ...

الحرب الناعمة ...
يتفنن الممسكون بالقرار العالمي والقابضون على موارد القارات الخمس بابتداع المخططات والأفكار التي تديم هيمنتهم على العالم عموما وعلى العالم الثالث خصوصا . ومن افتك هذه المخططات تهشيم الهوية الوطنية وتفكيك البنية التحتية الثقافية والتشكيك في قدرة المجتمعات على النهوض وجعلها دائمة خاوية وتركيعها وجعلها في خانة المغلوب دوما ليكون هذا المغلوب في خدمة الغالب في كل الاتجاهات .
ويعد مفهوم الحرب الناعمة ليس من المفاهيم المستحدثة بعالم الحروب كما يريد ( جوزيف ناي ) الذي يقصد بهذه الحرب في استخدام كافة الوسائل المتاحة للتأثير على الاخرين دون اللجوء الى القوة العسكرية . فهذا المصطلح بذاته استخدم لعدة مرات بمعان مختلفة فمنها ( الحرب النفسية والحرب الدعائية وحرب الترويج وحرب التسويق ) وهذه الاستخدامات المختلفة على مدى مايقارب القرن من الزمن . فتجعلنا نعتقد بان ( جوزيف ناي ) لم يخترع المفهوم بقدر ما اعاد انتاجة بمعنى ( تعليب الفكرة بمعنى جديد لإعادة تسويقه من جديد ) والهدف من ذلك هو اشغال العالم بانتاج مصطلحات تعمل عليها نخب وترويجها .
على سبيل المثال :
مرة كان مصطلح صراع الحضارات ومرة مصطلح العولمة ومرة مصطلح الحرب الناعمة . اي ان الخصم الامريكي يحتكر انتاج المصطلحات . وإذا كانت الحرب الناعمة في تاريخ الصراع الفكري والبشري وكذلك الصراع العسكري فان مصطلح الحرب الناعمة او الغزو بالطرق الجديدة جرى تطورها على مراحل . فـ ( جوزيف ناي ) ليس هو من استخدم المصطلح بل قولبة بإطار جديد في كتابه ( وثبة نحو القيادة ) عام 1990 ثم عاد استخدامه في كتابه ( مفارقة القوة الامريكية ) عام 2002 ثم طور ناي افكاره في كتابه ( القوة الناعمة ) عام 2004 .
وقوام الحرب الناعمة استبدال الدبابات والصواريخ وضجيج المدافع بالإعلام والجيوش بالعملاء والاحتلال المادي بالاحتلال الفكري والأيدلوجي واحتلال الابدان باحتلال النفوس والارواح والعقول وتكريس هزيمة الفرد وإضعافه على اي قارة او خارطة دون الحاجة الى القوة العسكرية وعندها يسهل عملية انسلاخ الامة .
وتتطلب الحرب الناعمة على اسس تأسيسية كتأسيس ( غرفة تفكير استراتيجية ذكية يسودها العقل الجمعي في غرف اعلامية الكترونية واستخباراتية ) عبر استخدام قنوات عربية متامركة متصهينة او الاعلام الغربي المعرب وذلك عبر وسائل الاتصال الفيس بوك والتوتير وغيرها من وسائل الاتصال ) والهدف من ذلك هو العقل العربي بشكل عام والمسلم بشكل خاص لتهمشيه وتعمل تلك الغرف على تفجير المتناقضات في الداخل العربي والإسلامي وتأجيج الصراعات الدينية وبث الفوضى وإقناع العرب انهم عاجزون ميتون غائبون همج رعاع متوحشون ومن هذه الفرق فرقة ( كيدون الموسادية ) المتخصصة في هذا المجال ووحدة التخطيط الالكتروني في مركز الابحاث التابع للمخابرات الامريكية وحدة ( 8200) الصهيونية المعروفة باسم ( سكنت ) والتي فيها عدد كبير من المستعربون يوجهون الشباب العربي المسلم في وسائط الاتصال ويخلطون الحابل بالنابل . مستغلين في ذلك غياب الحسن الامني والثقافة الامنية عند الكثير من السباب العربي والمسلم .
والقوة الناعمة ايضا قوة سحرية يحصل اصحابها اي المخططون لها على كل مايريدون بقوة الافكار والإعلام والأدب والمسرح والبرامج الفنية والمواقع الالكترونية سواء باللغة العربية او اللغة الغربية والمضمون هو غربي تعريبي .
يجب ان تكون دائرة الاهتمام وبنفس الاهتمام وكي نكون ضد الحرب الناعمة يجب ان تكون نتيجة الامور بتغيير بنيوي في المفهوم حتى لانبقى في حدود مايريده (جوزيف ناي) منا نتحول الى مروجين للمصطلح بدل ان نكون موجهين .
اولا : التغيير يجب ان يقال ان الحرب لاتكون ناعمة ابدا وان كان قد استنتج ( الحرب الناعمة ) ولكن هذه حرب هادئة وليست حربا ناعمة وان لاتوجد فيها مدافع وصواريخ ونار لكنها حرب بمعنى الكلمة فهذا المفهوم يجب ان يقاربه في هذا الصراع اذا اتفقنا بان العنف هو كل محاولة اقصاء او الإلغاء او تحجيم الثقافات والهويات وتغيير طريقة التفكير وطريقة السلوك عند الشعوب بشكل مقولب يلائم مصالح الشركات لمتعددة الجنسيات ويلائم الولايات المتحدة الامريكية فأنت بالفعل تلغي وتميت ثقافات وتميت هويات اي تقوم بعملية اباداة جماعية لكن بطريقة هادئة اي كالذي يقتل الاخر بالمخدر فالتغيرات في السلوك تصيب التصدعات والانكسارات في الشعوب .
فيعرف جوزيف ناي الحرب الناعمة : محاولة الوصول الى الغايات والأهداف عن طريق الجاذبية وليس عن طريق الفرض اي باستخدام وسائل تعليمية وإعلامية وثقافية ودعائية لكي يصبح سلوك العدو ملائم للهدف .





تعريف النفس عند الفلاسفة


تعريف النفس عند الفلاسفة
النفس في منظور أفلاطون

لقد اهتم أفلاطون بالطبيعة البشرية وقد اعتبر أن النفس لا مادية وهي
بالتالي مستقلة عن الجسد ولكنها تحل فيه خلال الحياة وإن هذه النفس هي
مصدر السلوك الإنساني كما إنه قًسم النفس البشرية إلى ثلاثة أقسام ولكل
منها فضيلة خاصة بها وهي كالتالي
النفس العاقلة :ومقرها الرأس ومهمتها التمييز بين أنواع الخير وبلوغ
الخير المطلق وفضيلتها الحكمة
النفس الغاضبة :ومقرها الصدر ومهمتها أن تطيع النفس العاقلة في تحقيق
الخير وفضيلتهــــا الشجاعة
النفس الشهوانية:ومقرها البطن تحت الحجاب الحاجز وفضيلتها الحكمة
والعفة وهي أرفع هذه الفضائل منزلة والإنسان الحكيم هو الذي يلزم
الاعتدال ويحرص على تحقيق الانسجام التام بين هذه الفضائل الثلاث بحيث
لا تطغى واحدة على أُخرى ,فإذا أذعنت النفس الشهوانية للنفس الغاضبة
وخضعت النفس الغاضبة للعاقلة ساد النظام والانسجام في النفس ويٌسمي
أفلاطون التناسب والانسجام بين هذه القوى الثلاثة بالعدالة.
وفي محاورة فيدون وهي من أمتــع ما كتب أفلاطون يشــير إلى تلك اللية
التي تُمثل إعـــدام سقراط ومحورها خلود النفس حيث يقول أفلاطون في
الخطاب السابع إذا كانت النفس إلهية خالدة فليس لها أصل نشأت عنه ولا
تخضع للفساد وإذا كانت النفس إلهية فعلينا أن نتعلق بها وحدها لأن
النفس هي التشبه بالإله بقدر الطاقة الإنسانية ولكن الإنسان ليس نفساً
فقط بل هو نفس وبدن ولكل منهما مطالب ولذلك لن يكون الإنسان ما دام على
قيد الحياة ومتصلاً بالبدن حكيماً بل محباً للحكمة أي فيلسوف فقط وإذا
انفصل عن البدن عند الموت بلغت النفس الحكمة فالموت للرجل الصالح مطية
لحياة أفضل لأنها حياة النفس

النفس في منظور أرسطو

أما أرسطو فقد وضع دراسة النفس في المرتبة الأولى لسائر ضروب المعرفة
لأن النفس وفي رأي أرسطو عبارة عن صورة الكائن الحي ولا يمكن أن تمارس
النفس وظائفها بدون البدن كما إنه عرًف النفس بأنها مابه نحيا ونحس
ونفكر ونتحرك في المكان
إن فكرة أرسطو تتجلى بأن النفس صورة الجسم لا يمكن أن تنفصل عنه ولا
يمكن أن تكون نفس بلا بدن والعلاقة بينهما ليست علاقة ميكانيكية بل
علاقة كل شيء بوظيفته ويقول : إن ملكات النفس من إحساس وحس مشترك تفنى
بفناء الجسم ما عدا العقل الفاعل فإنه لا يهلك وهو أزلي أبدي لا أول له
ولا نهاية له وقد جاء من الخارج إلى الجسم ويفارقه عند الموت ,جاء من
الله لأن الله هو العقل المطلق

النفس في منظور ابن مسكويه

ابن مسكويه يقر وجود النفس في كيان الإنسان ولا سبيل إلى إنكارها أو
تجاهلها ولا يفرق بين العقل والنفس فإنه يراهما واحداً كما إنه يرى أن
الحس إذا أخطأ بادرت النفس بتصحيح الخطأ ويعتبر أنها ذات ثلاث قوى
الأولى يكون بها الفكر والتمييز والنظر في حقائق الأمور والثانية يكون
بها الغضب والنجدة والإقدام على الأهوال والشوق إلى التسلط والثالثة
يكون بها الشهوة وطلب الغذاء والشوق إلى الملاذ . فابن مسكويه يرى أن
في الإنسان ثلاث أنفس لا نفس واحدة وقد قًسمها بالصفة الغالبة عليها
وهي كالتالي:
النفس البهيمية : وهي أدنى الثلاث شأناَ
النفس السبعية:وهي أوسطها
النفس الناطقة: وهي أعلاها وأشرفها والإنسان إنما كان إنساناً بأشرف
هذه النفوس وهي الناطقة وبها شارك الملائكة وباين البهائم ؟؟؟
ــــــــــــــــــ

هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها
وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع
ماخلقكم ولابعثكم إلاَ كنفس واحدة
ثم توفى كل نفس ماكسبت وهم لايظلمون
ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها
فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات
بل الإنسان على نفسه بصيرة
كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة
لقد استكبروا في أنفسهم وعتو عتواً كبيرا
إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم
تناول اليوم إثنين من أصعب المفاهيم المعرفية في القرآن والتي تحتاج إلى ترتيل دقيق لمعرفة ماتحمله من قول ثقيل لعلي أدرك سر هذا الخلق العظيم في تكوينه المادي والمعرفي ألا وهو الإنسان !. وقراءتي هي استمرار للحلقة السابقة حول الوجود المعرفي للإنسان في معنى النفس والروح المعرفيين.
فالنفس : من نفس النون والفاء والسين أصل واحد يدل على خروج النسيم كيف كان، من الريح أو غيرها، وإليه يرجع فروعه. منه التَّنفُّس: خروج النسيم من الجوف،......1.
فكل نفس تتنفس فهي كائن حي وهي التي تموت ( والذي خلق الحياة والموت)، ( كل نفس ذائقة الموت)، والنفس نفسان: نفس حية بشرية لاروح فيها وهي الوجود الموضوعي( البشر) ونفس نفخت فيها الروح وهي النفس الإنسانية الوجود الذاتي ( الأنا) ، وهي هي النقلة العظيمة التي تحول فيها البشر إلى إنسان بعد أن تجاوز مراحل التطور الطبيعية لتلك العملية ( السيرورة والصيرورة ) في وجوده المادي ككائن حي من الطبيعة المادية التي خلقها الله تعالى. ومن هنا نفهم إهتمام القرآن الكبير بها حيث تناولها من جميع الجوانب المادية والمعرفية ورصد عملية نشؤها وتطورها وتغيرها من خلال القوانين الطبيعية والمعرفية المحددة لها. فهناك مراتب ومستويات معرفية مختلفة للنفس الإنسانية فأدناها مرتبة ومستوى هي النفس الظالمة التي اختارت الظلم فتكون آثارها في الواقع الحياتي للناس الفساد أي تخريب الحياة
على جميع الأصعدة . ونفس مكسورة ضعيفة وأخرى قوية تحب الخير وهو قول القرآن ( فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات) 32 فاطر. هذا على المستوى الإجتماعي أما على المستوى المعرفي فيطرح القرآن ثلاثة مستويات معرفية : الأدنى وهي النفس الأمارة بالسوء والثانية النفس اللوامة ومن ثم المستوى الأعلى التي يمكن أن تصله النفس في ارتقائها نحو الكمال وهي النفس المطمئنة . يبين لنا القرآن بالتحليل الدقيق لكُلِ مستوٍ من مستويات النفس وآثاره المعرفية والإجتماعية في الحياة الإنسانية والذي يحتاج إلى مجموعة إختصاصيين في علم النفس والإجتماع والألسن لتغطية كل ماجاء به القرآن من مفاهيم تخص النفس الإنسانية. بالنسبة لي أقف عند الجانب المعرفي لثلاثة مستويات فقط وهي المذكورة أعلاه لعلاقته بالوجود المعرفي للإنسان كما طرحته في الحلقة 14. فالنفس الأمارة بالسوء أي التي تأمر به من الأصل أمر : وهوخمسة أصول الثاني منها الأمر ضد النهي 2. أما السوء فهو القبح ، فتقول رجل أسوأ أي قبيح ، وامرأة سوآء ، أي قبيحة ,3. فمعنى الآية يكون النفس التي تأمر بالقبح من الأفعال والأفكار ....الخ. أما المستوى الثاني وهو متطور عن الأول فقد احترمه القرآن حيث قال بحقه ( ولاأقسم بالنفس اللوامة) . فالقسم هنا اليمين واللوامة : من العتب والعذل 4. فمعنى ذلك في لغة الحاضر النقد الذاتي ، أي أن تراجع نفسك فيما عملت أو قلت إن كان خطأ فتقر به وتعتذر منه . فالعرب تقول لُمتْهُ لَوْما، والرجل مَلُوم، والمُليم: الذي يستحق اللَّوم.5. فهي مرحلة متطورة في الجانب الإنساني حيث إستطاع الإنسان أن يكتشف خطأه ويعترف به أمام الآخرين وهنا كان السبق في ذلك للمرأة لإنها أول من مارس ذلك ! فهل نتعلم منها نقد أنفسنا أمام الناس لنجعل حياتنا أجمل وأسهل كما فعلت عاشقة يوسف علية الصلاة والسلام فبرأته فاستقامت الحياة وأصبحت أجمل وأحلى. وهنا يكشف القرآن عن تلك الممارسة المعرفية الجديدة في حياة الإنسان وعلى لسان المرأة لتكون درساً للناس في كيفية إكتشاف الخطأ ومعالجته بالإعتراف به أمام الناس وتجاوزه سلوكياً. أي أن يصبح النقد الذاتي سلوكاً معرفياً واجتماعياً للإنسان . فلا يكفي إكتشاف الخطأ والإعتراف به أمام الناس بل تجاوزه سلوكياً. وهو هو طريق الكمال المعرفي والإجتماعي للإنسان. وأول ممارسة نقدية مجردة بدأت مع آدم بعد تأنسنه وهي التوبة أي العودة إلى السلوك الصحيح بعد اكتشاف خطأ السلوك السابق وهي ميزة لايملكها إلا الإنسان وهي من مميزات النفس الإنسانية( الروح). وهذا المستوى تحياه الشعوب الحرة في عالمنا المعاصر وأقول الحرة لعلاقة التلازم بين الإثنين فلا نقد بدون حرية فالنفس الحرة هي التي تملك الشجاعة الإجتماعية والمعرفية لنقد ذاتها لإنها لاتخشى من أحد ( نظام ظالم مستبد أو إنسان ظالم مستبد أو مستلب ضعيف) فالحرية توفر الشروط الموضوعية لعملية النقد لتصحيح الخطأ في السلوك أو الفكرة أو النظرية أو وسيلة الإنتاج إلى آخره. فمادام الإنسان يتطور ويتغير فهو معرض للخطأ فبالنقد تتطور المجتمعات نحو الأفضل وعلى هذا فصحيح من قال من لايعمل لايخطأ وإلاّ بطل النقد وهو ميزة أساسية للنفس الإنسانية ومعنى ذلك العودة إلى عالم الحيوان ( البشر قبل الأنسنة = نفخة الروح). وهنا أضطرني إلى قول الحقيقة المُرّة مرة أخرى إن مجتمعاتنا العربية والإسلامية لاتزال في المستوى المتدني الأول إجتماعياً ومعرفياً أي أن إنساننا مازال وجوداً موضوعياً لم يتحول إلى إنسان بالمعنى القرآني له. وهو هو سر وصف القرآن القاسي لهم
(أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلاّ كالأنعام بل هم أضل سبيلا). وهذه كتلك ولاحول ولاقوة إلاّ بالله العلي العظيم. نعم إنها مسألة اختيار فنحن من اختار (الانقلاب على الاعقاب) مما أدى إلى تعطيل محور الصيرورة في البنية الإجتماعية والذي يعني تعطيل التطور الإجتماعي والمعرفي للناس فعادوا القهقري إلى عالم البشر المظلم ( الذي يسفك الدماء ويفسد في الأرض) وهو ماعليه مجتمعاتنا العربية والإسلامية اليوم وإلى ماشاء ت، مالم تبدأ عملية النقد لكل الأسس الإجتماعية والمعرفية السائدة في الواقع لتعيد إنتاج نفسها (الإنسانية) مما يفتح إمكانية عمل عامل الصيرورة في البنية الإجتماعية ومن ثم السير في خط التطور التاريخي من جديد.وإلاّ هو الموت المتجدد إن الكرة في ملعبنا نريد أو لانريد ( إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم)، فهل نريد تغيير مابأنفسنا لتصبح نفوساً إنسانية ؟!.
أما المستوى الأعلى في سلم التطور للنفس الإنسانية وهومرحلة النفس المطمئنة وهو ماتنشده الإنسانية في خط تطورها التاريخي وهو هو السلام العالمي أي يوم يعم السلام العالم فلا حروب ولاسلاح نووي أو تقليدي ليحل الحوار النقدي البنّاء بين الشعوب وهو هو معنى ( إدخلوا في السلم كافة) ، وهو هو الحرية الإنسانية بأرقى أشكالها . فهذا المستوى لايزال فردياً أي أن مجموعة من الناس منفردين يمكن لهم أن يحققوا ذلك وهم ورثة الأنبياء والأدلاء( وقليل من عبادي الشكور)، أما الناس جميعاً فأمامهم مشوار طويل!.



الامام الحاضر الغائب

الامام الحاضر الغائب 

والصلاة على محمد الأمين وعلى آله الميامين والتسليم لله رب العالمين

التفكير السائد أن الإمام (عج) غائب ونحن حاضرون ، وهذا تفكير متدني مرتكز الى البعد المادي الدنيوي ، لكن الواقع الإلهي لا يحكم بمنظارنا الدنيوي ، فإذا كان الإمام (عج) حاضراً في ساحة الله ساحة طاعته وساحة 
خدمته وساحة الإستعداد الدائم لتقديم الأطروحة الإلهية ، وهذا أكيد ، فمن الغائب 
إذاً عن هذه الساحة !؟ .. نحن إذاً الغائبون عن هذه الساحة ، ساحة 
طاعة الله والتسليم له والاستعداد لقبول الأطروحة الإلهية الكاملة ، والتخلي عن كل الأطروحات المتدنية والولاية لله سبحانه ، وكي نلتقي به (عج) علينا أن نجاهد أنفسنا ونتوجه الى ساحة الله الحقيقية ، وكلما إقتربنا من الساحة الحقيقية لرضا الله كلما أصبحنا أقرب للإمام .. وحتى بعد الظهور الشريف عندما يظهر الإمام ويكون حاضراً في ساحة الواقع المادي ، فالغائبون عن ساحة الله سيكونون بعيدين عن الإمام (عج) حتى لو كانوا يسكنون بدارٍ ملاصقة لداره فالحضور والغياب في ساحة الإمام (عج) متعلق بحضورنا في ساحة الله أو غيابنا عنها .. فإن كان الحجاب المادي لا يرفع بيننا إلا في اللحظات الأخيرة عند قرب الظهور فنرى طلعته البهية ونسمع منطقه الرباني ونــُسقط كل أوهامنا وموروثاتنا المشوبة ، فإن الحجب الأخرى المعنوية ممكن أن تـــُزال كلما إقتربنا من ساحة معركة الإمام (عج) الحقيقية وساحة رضا الله سبحانه وساحة الغايات الحقيقية للإمام ، بمجاهدة النفوس 
ومجاهدة حب الدنيا ومجاهدة الأفكار المتدنية ومجاهدة الهموم الشخصية 
ومجاهدة الأطروحات الدنيوية ومجاهدة المشاريع الدينية المتدنية ..فنحن إذاً الغائبون عن ساحة الإمام (عج( الحقيقية لأننا بالأساس غائبون عن ساحة 
الله سبحانه وساحة رضاه وساحة مطالبه وغاياته ، وعلينا أن نحضر لهذه الساحة وهذا عمل يحتاج الى إرادة جهادية كبيرة .. وإن كنا قد بدأنا بها عندما خرجنا من نهج الصمت واللامبالاة الى نهج الناطقية المجاهدة التي 
تشعرنا بالمسؤولية والتي تطلب التكامل الروحي والفكري الأخروي والتي تجاهد الشبهات وترفض الأطروحات المتدنية والتي تعمل دائماً على السعي بإتجاه الأطروحة الأكمل ، وعندما خرجنا من الولايات المتدنية والبديلة الى طلب الدخول في ولاية الإمام ، فعلينا أن نستكمل مشوار الحضور في 
ساحة الإمام (عج) ، ولابد من أن نصل الى نتيجتين تكونان ضمن عقيدتنا الدينية ومبادئنا العملية تنعكس على منهجية عملنا وعلى نوايانا :النتيجة الأولى .. إن الإمام حاضر في ساحة رضا الله وساحة العمل الحقيقي فإن غاب عن أعيننا فهو غير غائب عن هموم الساحة الإلهية ويجاهد في دفع أهل الأرض لعبادة الله لكنهم متقاعسون وغافلون ومعرضون .النتيجة الثانية .. إننا يمكن أن نقترب من الإمام(عج) ونحضر في ساحته الى درجة كبيرة دون أن نراه وممكن أن نحضى بتأييداته التي تحمينا من الإنحراف ومن التشوه في الأطروحة الدينية ومن التشوه في النية ومن التشوه في التعبير عن حبنا له ..إذاً يجب أن ندرك المقياس الحقيقي للغياب 
والحضور ، المقياس هو الله سبحانه ورضا الله سبحانه وطلب الله سبحانه وتوحيد الله سبحانه ، وبهذا المقياس فالإمام (عج) هو الحاضر ونحن الغائبون وكل ما علينا هو أن ننهي هذا الغياب منا وأن نسجل عودتنا وحضورنا الى ساحة الله ، بالتوبة عن الغفلة وعن حب النفس وعن حب الدنيا وعن ضعف 
اليقين بالله ، وعن الركون للأسباب المادية وعن التهاون في طلب القرب منه سبحانه والحمد لله رب العالمين

في المهرجان السنوي لانتصار الثورة الذي اقامته سفارة الجمهورية الاسلامية الايرانية في بغداد



المواضيع

مركز الحجة القائم للدراسات الاسلامية والاستتراتيجية 2016

يتم التشغيل بواسطة Blogger.